إعلام ذوى الهمة العلية بما ذكرناه فى جامع الأحاديث من التراجم والفوائد والتعقبات العلمية

يعتبر جامع الأحاديث من أوسع كتب متون السنة الشريفة والذى صدر فى (13) مجلدا عن دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف الكويتية فى مشروع علمى تحت رعاية د . حسن عباس زكى وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية ، وقد كان للفقير عصام أنس الزفتاوى شرف رئاسة اللجنة التى قامت بتحقيقه ، كما قدمنا له بدراسة وافية شملت تراجم واسعة للسيوطى والمتقى الهندى والمناوى والنبهانى ، كما قدمت هذه الدراسة تحليلا جديدا لمؤلفاتهم من خلال رؤية منهجية جديدة لتحليل المصنفات ، بالإضافة إلى ذلك فقد تكلمت الدراسة عن منهج العمل ، وأهم الفوائد العلمية التى قدمها المشروع من مناقشات علمية وفوائد حديثية وتراجم لرواة تفردت الموسوعة بهم إلى غير ذلك ، وقد صدرت الموسوعة فى قرص مدمج بالإضافة إلى النسخة المطبوعة .
ومن الخدمات العلمية التى قدمناها : العديد من تراجم الرواة الذين لا ترجمة لهم فى الكتب المعروفة ، والعديد من الفوائد والتعقبات على الحفاظ ، مما نرجو أن نكون قد وفقنا فيه للصواب ، وهذه المدونة تعنى بجمع ما تناثر من ذلك فى ثنايا الكتاب ، وأوردناه هنا على ترتيب ورودها فى جامع الحديث مع ذكر نص الكلام بتمامه .

الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧

252) التعقب على الحافظ السيوطى وغيره من الحفاظ فى حديث وقع فيه عدة أوهام :


حديث (11150) تسألنى عن خبر السماء وتدع أظفارك كأظفار الطير يجتمع فيها الجنابة والخَبَث والتَّفَث (أحمد، والطبرانى عن أبى أيوب [الأزدى، ومن قال: الأنصارى، فقد وهم على ما ذهب إليه الإمام أحمد والصواب أنه أبو أيوب الأزدى العتكى] )

------------------------------------------------------
التخريج
أخرجه أحمد (5 / 417، رقم 23588)، والطبرانى (4 / 184، رقم 4086) . قال الهيثمى (5 / 168): ((رجالهما رجال الصحيح خلا أبا واصل وهو ثقة))، وفى الحديث: ((أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله عن خبر السماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . . .)) فذكره . وأخرجه أيضا: أبو داود الطيالسى (ص 81، رقم 596) من طريق قريش عن واصل بن سليم قال: ((لقيت أبا أيوب الأزدى))، وابن عدى (3 / 315، ترجمة 774 سليمان بن فروخ أبى واصل)، والخطيب فى موضح أوهام الجمع والتفريق (2 / 540) من طريق أبى داود الطيالسى، والبيهقى (1 / 175، رقم 798) من طريق أبى الوليد الطيالسى عن قريش بن حيان عن أبى واصل عن أبى أيوب فلم ينسبه، وقال البيهقى: ((هكذا رواه جماعة عن قريش ورواه أبو داود الطاليسى . . .)) ثم ذكر خلاف أبى داود فى إسناده ثم قال: ((وهذا مرسل أبو أيوب الأزدى غير أبي أيوب الأنصارى))، والسمعانى (ص 28) من طريق أبو الوليد الطيالسى عن قريش عن أبى الواصل سليمان بن فروخ، ولم ينسب أبا أيوب .
------------------------------------------------------
التعليقات العلمية
قال مقيده عفا الله عنه: الحديث مرسل، وما بين المعكوفين من زيادتنا، ولا بد منه، فقد قال الإمام أحمد: ((ثنا وكيع ثنا قريش بن حيان عن أبي واصل قال لقيت أبا أيوب الأنصاري فصافحني فرأى في أظفاري طولا فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسأل أحدكم عن خبر السماء))، ثم قال عبد الله بن أحمد: قال أبى (يعنى الإمام أحمد): ((سبقه لسانه - يعنى وكيعا - فقال لقيت أبا أيوب الأنصاري وإنما هو أبو أيوب العتكي))، وقد أخرج الإمام أحمد والطبرانى الحديث فى مسند أبى أيوب الأنصارى خالد بن زيد، وبَيَّن الإمام أحمد أن الصواب أنه أبو أيوب العتكى لا الأنصارى، والعتكى: وهو يحيى بن مالك المراغى الأزدى العتكى البصرى، ثقة من الطبقة الوسطى من التابعين . انظر: تهذيب الكمال (33 / 61، ترجمة 7217)، تهذيب التهذيب (12 / 19، ترجمة 85)، التقريب (ص 620، ترجمة 7949) .
قلنا: لكن لم يتفرد وكيع بقوله ((الأنصارى)) فقد تابعه عليه عبد الرحمن بن المبارك - وهو ثقة من رجال البخارى (تهذيب الكمال 17 / 382، ترجمة 3946) عند ابن عدى، نعم ذكر البخارى وابن أبى حاتم وابن حبان وغيرهم ممن ترجم لأبى واصل أنه يروى عن أبى أيوب العتكى الأزدى التابعى، فكلام الإمام أحمد صحيح وافقه عليه الخطيب فى موضح الأوهام فذكر أن أبا أيوب راوى الحديث هو يحيى بن مالك المراغى، وذكر البيهقى أن الحديث مرسل، لكن الإشكال فى عبارة (يعنى وكيعا) فالوهم ممن هو فوق وكيع لعدم تفرد وكيع به، إما من قريش أو من أبى واصل، ومن الواضح أن جملة (يعنى وكيعا) تفسيرية ليست من كلام الإمام أحمد فلعله زادها أحد رواة المسند للتوضيح فوهم .
وأبو واصل سليمان بن فروخ الأزدى ذكره البخارى وابن أبى حاتم ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا وذكره ابن حبان فى الثقات، ولهذا صرح الإمام الهيثمى بتوثيقه، ولكن قال ابن عدى بعد أن أورد حديثنا هذا: ((وسلمان هذا يحدث عن أبي أيوب بأحاديث مقدار عشرة أو أقل وكل تلك الأحاديث لا يتابعه أحد عليه)) من ثم ترجمه الذهبى والحافظ فى الضعفاء، انظر: التاريخ الكبير (4 / 30، ترجمة 1866)، الجرح والتعديل (4 / 135، ترجمة 593)، الثقات (6 / 391، ترجمة 8244)، الكامل (3 / 315، ترجمة 774)، ميزان الاعتدال (3 / 267، ترجمة 3386)، اللسان (3 / 66، ترجمة 244) .
ويبقى أن أبا داود الطيالسى قال: ((عن قريش بن حيان عن واصل بن سليم))، هكذا ذكره فى مسنده، وذكره كل مَن رواه مِن طريقه كالبيهقى والخطيب، وأظن أن الغلط فيه من أبى داود فإنه مع كونه ثقة إمام حافظ فقد غلط فى أحاديث قيل: ألف حديث، فلعل هذا منها، فإن من راوه غيره عن قريش اتفقوا على أنه عن قريش عن أبى واصل أو أبى الواصل، وبعضهم سماه فقال: سليمان بن فروخ، والله أعلم . انظر ترجمة أبى داود الطيالسى: تهذيب الكمال (11 / 401، ترجمة 2507)، تهذيب التهذيب (4 / 160، ترجمة 316)، التقريب (ص 250، ترجمة 2550) .
فيحصل مما ذكرناه أن الحديث فيه عدة إشكالات: أولها: راوى الحديث الأعلى أطلقه السيوطى فقال: عن أبى أيوب، وهو على الإطلاق أبو أيوب الأنصارى الصحابى الكبير، والصواب أنه أبو أيوب الأزدى العتكى التابعى .
ثانيها: أن أبا أيوب راوى الحديث نسبه بعضهم فى الحديث فقال: الأنصارى، وقع ذلك فى رواية وكيع وعبد الرحمن بن المبارك، وهو وهم فى نسبته لعله من قريش أو أبى واصل، ونسبه أبو داود الطيالسى فقال: الأزدى وهو الصواب على ما ذكره أحمد والبيهقى والخطيب، ويؤيده ما ذكره مترجمو أبى واصل أنه روى عن أبى أيوب الأزدى .
ثالثها: أن الواهم فى قوله (الأنصارى) ليس وكيعا كما وقع فى مسند الإمام أحمد لوجود متابع ثقة له على ذلك .
رابعها: أن أبا داود الطيالسى أصاب فى نسبة أبى أيوب فقال: ((الأزدى))، لكن غلط فى اسم الراوى عنه فقال: واصل بن سليم، والصواب أبو واصل سليمان، وإنما قلنا الغلط منه لأن من رووه عن قريش أتوا به على الصواب فقالوا: أبو الواصل، والله أعلم .

ليست هناك تعليقات:

ابحث

Google