إعلام ذوى الهمة العلية بما ذكرناه فى جامع الأحاديث من التراجم والفوائد والتعقبات العلمية

يعتبر جامع الأحاديث من أوسع كتب متون السنة الشريفة والذى صدر فى (13) مجلدا عن دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف الكويتية فى مشروع علمى تحت رعاية د . حسن عباس زكى وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية ، وقد كان للفقير عصام أنس الزفتاوى شرف رئاسة اللجنة التى قامت بتحقيقه ، كما قدمنا له بدراسة وافية شملت تراجم واسعة للسيوطى والمتقى الهندى والمناوى والنبهانى ، كما قدمت هذه الدراسة تحليلا جديدا لمؤلفاتهم من خلال رؤية منهجية جديدة لتحليل المصنفات ، بالإضافة إلى ذلك فقد تكلمت الدراسة عن منهج العمل ، وأهم الفوائد العلمية التى قدمها المشروع من مناقشات علمية وفوائد حديثية وتراجم لرواة تفردت الموسوعة بهم إلى غير ذلك ، وقد صدرت الموسوعة فى قرص مدمج بالإضافة إلى النسخة المطبوعة .
ومن الخدمات العلمية التى قدمناها : العديد من تراجم الرواة الذين لا ترجمة لهم فى الكتب المعروفة ، والعديد من الفوائد والتعقبات على الحفاظ ، مما نرجو أن نكون قد وفقنا فيه للصواب ، وهذه المدونة تعنى بجمع ما تناثر من ذلك فى ثنايا الكتاب ، وأوردناه هنا على ترتيب ورودها فى جامع الحديث مع ذكر نص الكلام بتمامه .

الخميس، ١٣ سبتمبر ٢٠٠٧

109) التعقب على الحافظين الذهبى وابن حجر فى اتباعهما للحافظ ابن الصلاح فى اتهامه لعبد الله بن حيدر القزوينى ، والصواب أنه إمام كبير متقن مأمون :

109) التعقب على الحافظين الذهبى وابن حجر فى اتباعهما للحافظ ابن الصلاح فى اتهامه لعبد الله بن حيدر القزوينى ، والصواب أنه إمام كبير متقن مأمون ، وفيه التنبيه على قاعدة مهمة بعدم قبول الاتهام مطلقا :
حديث (9834) أهل القرآن أهل الله وخاصته (أبو القاسم عبد الله بن حيدر فى مشيخته ، والرافعى عن على)
------------------------------------------------------
التخريج
أخرجه الرافعى (3 / 304) .
------------------------------------------------------
التعليقات العلمية
قال مقيده عفا الله عنه : أبو القاسم ابن حيدر ، خرج له الإمام السيوطى فى موضعين تقدم أحدهما تحت طرف ((إذا وقعت فى ورطة)) ، وهو شيخ الرافعى وذكر أنه إمام كبير ، لكن نقل الذهبى وتبعه الحافظ أن ابن الصلاح اتهمه ، وهو متعقب . وبيان ذلك أن الذهبى ترجمه فى الميزان فقال : ((عبد الله بن حيدر القزوينى الفقيه عن زاهرالشحامى وطبقته ، وخرَّج لنفسه أربعين حديثا اتهمه ابن الصلاح)) ، فتبعه الحافظ فى اللسان وزاد : ((وأصله من قزوين ورحل إلى خراسان فأخذ عن أئمة الشافعية بها وأخذ الحديث عن زاهر والفراوى ويوسف الهمدانى وغيرهم ، واستوطن همدان وحدث بها ومات بعد الثمانين وخمس مائة ، وكنيته أبو القاسم كجده)) ، قلنا : توفى (582 هـ) تحديدا على ما ذكره الرافعى . ولم يدركه ابن الصلاح (577 هـ - 643 هـ) وجرحه له غير مفسر ، وليس كل دعوى بالاتهام مقبولة . والرافعى أدركه وأكثر عنه وخبر مروياته وأحواله ورافق أصحابه ، وكأن الحافظين الذهبى وابن حجر لم يستحضرا ما قاله الرافعى ، ويدل عليه أن الرافعى ذكر وفاته بالتحديد ، بينما ذكرها الحافظ على التخمين .
فقد ترجم الرافعى له فى التدوين ، وخرج عنه فى مواضع وذكره فى الأغلب بلقب الإمام ، وترجم لكثير من أصحابه ، ومما قاله فى ترجمته (3 / 223-225) : ((إمام كبير مشهور بعيد الصيت كان أكثر مقامه بهمدان يدرس ويفتى بها مهيبا موقرا عند السلاطين والأكابر فضلا عن الأوساط والعوام ، قوالا بالحق ، ناصحا للخلق ، وصنف فى الحديث والأصولين والخلاف وتخرج به جماعة جمة ، وانتشر علمه وأصحابه فى الأطراف ، وكان رفيع القدر والهمة ، ومع ذلك حسن المحاورة والخلق والصحبة ، سافر فى أول أمره الكثير متفقها ، ولقى كبار الأئمة وسمع الحديث بقزوين وبنيسابور وسرخس وطوس وغيرها ، وأدرك الأسانيد العالية ، وخُرجت من مسموعاته التخاريج ... توفى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة)) ، وذكر الرافعى فى مواضع أن لابن حيدر مشيخة سمعت منه .
وهو شيخه المباشر ، وهو أدرى بحاله ، وقد أثنى عليه جدا ، وبين أنه كان قوالا بالحق مهيبا عند العامة والخاصة ، أدرك الأسانيد العوالى وخرجت مسموعاته ، ومن كانت هذه صفته فلأى شىء يكذب ، مع عناية أهل الحديث بحديثه وتخريج مسموعاته ، والرحلة إليه ، ومن تأمل كثرة أصحابه الذين سمعوا منه تردد فى قبول دعوى الاتهام فإن كلام العلماء بعضهم فى بعض - على ما قرر الذهبى - ينبغى أن يتأنى فيه ، أفيرحل كل هؤلاء ويعتنوا بسماع حديث كذاب ، لم تجر عادة أهل هذا الشأن بمثله ، وقد حجزت ترجمة الذهبى له فى الميزان أصحاب طبقات الحفاظ من بعده عن التذييل به عليه فأهملوا ذكره فى طبقات الحفاظ ، والله أعلم . انظر : التدوين (3 / 223 ترجمته ، 1 / 223 ، 237 ، 277 ، 2 / 149 ، 309 ، 414 ، 3 / 303 ، 366 ، وغيرها من المواضع) ، طبقات الشافعية الكبرى (7 / 123 ، ترجمة 818) ، ميزان الاعتدال (4 / 87 ، ترجمة 4287) ، اللسان (3 / 280 ، ترجمة 1171) . وانظر بخصوص عدم قبول الاتهام مطلقا : ترجمة الإمام الطبرى محمد بن جرير ، وقد اتُهم بالوضع !! ، فرد الذهبى ذلك ردا بليغا قويا فقال : ((رجم بالظن الكاذب ، بل ابن جرير من كبار أئمة الإسلام المعتمدين وما ندعى عصمته من الخطأ ، ولا يحل لنا أن نؤذيه بالباطل والهوى ، فإن كلام العلماء بعضهم فى بعض ينبغى أن يتأنى فيه ولا سيما فى مثل إمام كبير)) ، وترجمة الإمام أبو بكر ابن المنذر : محمد بن إبراهيم ، الذى نسب إلى العقيلى أنه كان يحمل عليه وينسبه إلى الكذب ، فرده الذهبى وقال : كلامه من قبيل كلام الأقران بعضهم فى بعض ، فانظر الميزان : (6 / 90 ، ترجمة 7312) ، (6 / 38 ، ترجمة 7129) . وترجمة يحيى بن أبى أنيسة الذى اتهمه أخاه زيد بالكذب ، وضعفه الجمهور ، وتركه غير واحد ، ولكن لم يعتمدوا تكذيب أخيه له ولم يتهمه غيره ، انظر : التهذيب (31 / 223 ، ترجمة 6789) . وقد ذكرنا نماذج تصلح للقضية نفسها أيضا تحت طرف ((إنها ستخرج رايات من المشرق)) ، ((أولعتهم بعمار يدعوهم)) .

ابحث

Google