إعلام ذوى الهمة العلية بما ذكرناه فى جامع الأحاديث من التراجم والفوائد والتعقبات العلمية

يعتبر جامع الأحاديث من أوسع كتب متون السنة الشريفة والذى صدر فى (13) مجلدا عن دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف الكويتية فى مشروع علمى تحت رعاية د . حسن عباس زكى وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية ، وقد كان للفقير عصام أنس الزفتاوى شرف رئاسة اللجنة التى قامت بتحقيقه ، كما قدمنا له بدراسة وافية شملت تراجم واسعة للسيوطى والمتقى الهندى والمناوى والنبهانى ، كما قدمت هذه الدراسة تحليلا جديدا لمؤلفاتهم من خلال رؤية منهجية جديدة لتحليل المصنفات ، بالإضافة إلى ذلك فقد تكلمت الدراسة عن منهج العمل ، وأهم الفوائد العلمية التى قدمها المشروع من مناقشات علمية وفوائد حديثية وتراجم لرواة تفردت الموسوعة بهم إلى غير ذلك ، وقد صدرت الموسوعة فى قرص مدمج بالإضافة إلى النسخة المطبوعة .
ومن الخدمات العلمية التى قدمناها : العديد من تراجم الرواة الذين لا ترجمة لهم فى الكتب المعروفة ، والعديد من الفوائد والتعقبات على الحفاظ ، مما نرجو أن نكون قد وفقنا فيه للصواب ، وهذه المدونة تعنى بجمع ما تناثر من ذلك فى ثنايا الكتاب ، وأوردناه هنا على ترتيب ورودها فى جامع الحديث مع ذكر نص الكلام بتمامه .

الأحد، ٩ سبتمبر ٢٠٠٧

74) فى التعقب على الحافظين السيوطى والهيثمى :

حديث (9392) إنه قد دنا منى خفوف من بين أظهركم وإنما أنا بشر فأيما رجل كنت أصبت من عرضه شيئا فهذا عرضى فليقتص وأيما رجل كنت أصبت من ماله شيئا فهذا مالى فليأخذ واعلموا أن أولاكم بى رجل كان له من ذلك شىء فأخذه أو حللنى فلقيت ربى وأنا محلَّل لى ولا يقولن رجل إنى أخاف العداوة والشحناء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهما ليستا من طبيعتى ولا من خلقى ومن غلبته نفسه على شىء فليستعن بى حتى أدعو له (ابن سعد ، والطبرانى عن الفضل بن عباس)
------------------------------------------------------
التخريج
أخرجه ابن سعد (2 / 255) ، ومن وجه آخر أخرجه الطبرانى فى الكبير (18 / 280 ، رقم 718) . وأخرجه أيضًا : فى الأوسط (3 / 104 ، رقم 2629) ، وفى الأحاديث الطوال (ص 279 ، رقم 38) ، والبزار (6 / 98 ، رقم 2154) . قال الهيثمى (9 / 26) : ((فيه من لم أعرفهم)) . وأخرجه أيضا : الطبرى فى التاريخ (2 / 226) ، والعقيلى (3 / 481 ، ترجمة 1541 القاسم بن يزيد) ، وابن عساكر (48 / 322) .
وهو طرف من حديث طويل ذُكر بعضه فى مواضع دون بعض ، وكان حقه أن يذكره السيوطى بتمامه فى مسند الفضل من قسم الأفعال ، ولم يفعل ، وسنذكره هنا بتمامه ليجتمع سياقه ، فأخرجوه عن الفضل بن العباس قال : ((جاءنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إليه فوجدته موعوكا قد عصب رأسه فقال : خذ بيدى يا فضل فأخذت بيده حتى انتهى إلى المنبر فجلس عليه ثم قال : صِحْ فى الناس ، فصحت فى الناس فاجتمع إليه ناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ألا إنه قد دنا منى خفوف من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهره فهذا ظهرى فليستقد منه ألا ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضى فليستقد منه ألا لا يقولن رجل إنى أخشى الشحناء من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتى ولا من شأنى ألا وإن أحبكم إلى من أخذ حقا إن كان له أو حللنى فلقيت الله وأنا طيب النفس ألا وإنى لا أرى ذلك مغنيا عنى حتى أقوم فيكم مرارا . ثم نزل فصلى الظهر ثم عاد إلى المنبر فعاد لمقالته فى الشحناء وغيرها ثم قال : أيها الناس من كان عنده شىء فليرده ولا يقول فضوح الدنيا ، وإن فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة فقام إليه رجل فقال يا رسول الله إن لى عندك ثلاثة دراهم قال : أما إنا لا نكذب قائلا ولا نستحلفه فبم صارت لك عندى ؟ قال : تذكر يوم مر بك مسكين فأمرتنى أن أدفعها إليه فقال : ادفعها إليه يا فضل ، ثم قام إليه رجل آخر فقال : عندى ثلاثة دراهم كنت غللتها فى سبيل الله قال : ولم غللتها ؟ قال : كنت إليها محتاجا قال : خذها يا فضل . ثم قال : يا أيها الناس من خشى من نفسه شيئا فليقم أدعو له ، فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله إنى لكذاب وإنى لمنافق وإنى لنؤوم . قال : اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وأذهب عنه النوم إذا أراد . ثم قام إليه رجل آخر فقال : يا رسول الله إنى لكذاب ، وإنى لمنافق وما من شىء من الأشياء إلا وقد أتيته . فقال له عمر : يا هذا فضحت نفسك فقال : مه يا ابن الخطاب فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة . ثم قال : اللهم ارزقه صدقا وإيمانا وصير أمره إلى خير . فكلمهم عمر بكلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عمر معى وأنا معه والحق بعدى مع عمر حيث كان)) .
وقد أخرج طرفا منه : البيهقى (6 / 74 ، رقم 1185) .
------------------------------------------------------
التعليقات العلمية
قال مقيده عفا الله عنه : أما إسناد ابن سعد ففيه رجل لم يسم فإنه قال : ((أخبرنا كثير بن هشام قال أخبرنا جعفر بن برقان قال حدثنى رجل من أهل مكة قال دخل الفضل بن عباس)) ، وقد أخرجه أبو يعلى (12 / 201 ، رقم 6824) من وجه آخر عن جعفر بن برقان فسمى الرجل ، قال أبو يعلى : ((حدثنا عبيد بن جناد حدثنا عطاء بن مسلم عن جعفر بن برقان عن عطاء عن الفضل بن عباس)) ، وعطاء إن كان ابن أبى رباح على ما ذكر المزى فى شيوخ جعفر بن برقان ، فهو ثقة إمام لكنه كثير الإرسال ، وذكروا له رواية عن الفضل ، قال المزى : وقيل لم يسمع منه (تهذيب الكمال 5 / 11 ، ترجمة 934 جعفر ، و 20 / 69 ، ترجمة 3933 عطاء)، وسيأتى أن الطبرانى أخرجه من وجه آخر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل ، ويزيد إنما يروى عن عطاء بن يسار على ما ذكر المزى . لكن هاهنا علة خفية فإن على بن المدينى - وقد روى الطبرانى الحديث من طريقه - قال : ((هو عندى عطاء بن يسار ، وليس له أصل من حديث عطاء بن أبى رباح ولا عطاء بن يسار ، وأخاف أن يكون عطاء الخراسانى لأنه يرسل عن ابن عباس)) ، وعطاء الخراسانى يهم كثيرا ويدلس ويرسل (تهذيب الكمال 20 / 106 ، ترجمة 3941) .
قال الذهبى بعد أن نقل كلام ابن المدينى السابق : ((أخاف أن يكون (يعنى الحديث) كذبا مختلقا)) ، وسيأتى بقية كلامه عند الحديث عن القاسم بن يزيد .
وقول الهيثمى فى إسناد الطبرانى ((فيه من لم أعرفهم)) ، أخرجه الطبرانى والبزار من وجوه رجالها مشهورون منهم على بن المدينى وغيره ((عن معن بن عيسى القزاز عن الحارث بن عبد الملك بن عبد الله الليثى ثم السمعى النخعى عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبيه عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس)) ، ومعن أحد الأئمة ثقة ثبت إمام من رجال الجماعة وأثبت أصحاب مالك (تهذيب الكمال 28 / 336 ، ترجمة 6115) فلا يدخل هو ومن تحته فى قول الهيثمى ، أما من فوقه :
فالحارث بن عبد الملك ترجم له البخارى وابن أبى حاتم فلم يذكرا جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حبان فى الثقات . والله أعلم . انظر : التاريخ الكبير (2 / 273 ، ترجمة 2438) ، الجرح والتعديل (3 / 80 ، ترجمة 368) ، الثقات (8 / 182 ، ترجمة 12872) .
والقاسم بن يزيد ترجم له البخارى وابن سعد فلم يذكرا جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حبان فى الثقات ، لكن ترجم له الذهبى فى الميزان فقال : ((حديثه منكر ذكره العقيلى بطرق معللة)) ، ثم ذكر بعض طرق الحديث ، ونقل كلام ابن المدينى السابق ، ثم قال : ((أخاف أن يكون (يعنى الحديث) كذبا مختلقا)) ، وقد نقل الحافظ كلام الذهبى بتمامه فى اللسان على طريقته فيه ، ولم يتعقبه ، ولم يزد أن قال : وذكره ابن حبان فى الثقات . انظر : التاريخ الكبير (7 / 170 ، ترجمة 762) ، الطبقات لابن سعد (5 / 421) ، الثقات (9 / 15 ، ترجمة 14929) ، ميزان الاعتدال (5 / 463 ، ترجمة 6861) ، اللسان (4 / 467 ، ترجمة 1454) .
وأما أبوه يزيد بن عبد الله بن قسيط فثقة من رجال الجماعة (تهذيب الكمال 32 / 177 ، ترجمة 7015) .
ومقتضى صنيع العقيلى والذهبى أن الحمل فى هذا الحديث على القاسم دون سائر رجال الإسناد .
وقد وافق الحافظ العراقىُّ الذهبىَّ على استنكار الحديث فقال : حديث طويل منكر . (تخريج أحاديث الإحياء 4 / 79) . وقد ذكره ابن كثير (البداية والنهاية 5 / 231) من طريق معن بن عيسى فقال : ((بإسناد غريب ولفظ غريب ... - ثم ذكره ثم قال: - وفى إسناده ومتنه غرابة شديدة)) .

ابحث

Google