إعلام ذوى الهمة العلية بما ذكرناه فى جامع الأحاديث من التراجم والفوائد والتعقبات العلمية

يعتبر جامع الأحاديث من أوسع كتب متون السنة الشريفة والذى صدر فى (13) مجلدا عن دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف الكويتية فى مشروع علمى تحت رعاية د . حسن عباس زكى وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية ، وقد كان للفقير عصام أنس الزفتاوى شرف رئاسة اللجنة التى قامت بتحقيقه ، كما قدمنا له بدراسة وافية شملت تراجم واسعة للسيوطى والمتقى الهندى والمناوى والنبهانى ، كما قدمت هذه الدراسة تحليلا جديدا لمؤلفاتهم من خلال رؤية منهجية جديدة لتحليل المصنفات ، بالإضافة إلى ذلك فقد تكلمت الدراسة عن منهج العمل ، وأهم الفوائد العلمية التى قدمها المشروع من مناقشات علمية وفوائد حديثية وتراجم لرواة تفردت الموسوعة بهم إلى غير ذلك ، وقد صدرت الموسوعة فى قرص مدمج بالإضافة إلى النسخة المطبوعة .
ومن الخدمات العلمية التى قدمناها : العديد من تراجم الرواة الذين لا ترجمة لهم فى الكتب المعروفة ، والعديد من الفوائد والتعقبات على الحفاظ ، مما نرجو أن نكون قد وفقنا فيه للصواب ، وهذه المدونة تعنى بجمع ما تناثر من ذلك فى ثنايا الكتاب ، وأوردناه هنا على ترتيب ورودها فى جامع الحديث مع ذكر نص الكلام بتمامه .

السبت، ٨ سبتمبر ٢٠٠٧

28) تعليق فى بيان حال القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد :

حديث (8088) إن ربى أعطانى سبعين ألفا من أمتى يدخلون الجنة بغير حساب قال عمر يا رسول الله هلا استزدته قال قد استزدته فأعطانى مع كل رجل سبعين ألفا قال هلا استزدته قال قد استزدته فأعطانى هكذا وبسط باعه (أحمد ، والطبرانى عن عبد الرحمن بن أبى بكر)
------------------------------------------------------
التخريج
أخرجه أحمد (1 / 197 ، رقم 1706) ، والطبرانى كما فى مجمع الزوائد (10 / 411) . وأخرجه أيضًا : البزار (6 / 234 ، رقم 2268) ، وقال : ((وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن بن أبى بكر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد)) ، وأخرجه أيضا الخطيب فى تلخيص المتشابه (2 / 515-516) . قال الهيثمى (10 / 411) : ((فى أسانيدهم القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد ، وموسى بن عبيد هذا هو مولى خالد بن عبد الله بن أسيد ذكره ابن حبان فى الثقات ، والقاسم بن مهران ذكره الذهبى فى الميزان ، وأنه لم يرو عنه إلا سليمان بن عمرو النخعى ، وليس كذلك فقد روى عنه هذا الحديث هشام بن حسان ، وباقى رجال إسناده محتج بهم فى الصحيح)) .
------------------------------------------------------
التعليقات العلمية
قال مقيده عفا الله عنه : تقدم لهذا الحديث بنفس مصادر تخريجه طرف آخر ((إن الله أعطانى)) ، ونقلنا هناك أيضا كلام الهيثمى رحمة الله تعالى عليه ، ولم يتيسر لنا هناك تحرير الكلام على موسى بن عبيد والقاسم فنقول - والله الموفق -:
أما موسى بن عبيد هذا فروى عن صيفى بن هلال ، وميمون بن مهران ، وصفية بنت شيبة ، وروى عنه واصل مولى أبى عيينة ، والقاسم بن مهران ، وقد ترجم له البخارى (7 / 291 ، ترجمة 1243) ، وابن أبى حاتم (8 / 151 ، ترجمة 685) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا ، ووثقه ابن حبان (5 / 403 ، ترجمة 5419) على قاعدته ، وتفرد بقوله : ((مولى خالد بن عبد الله بن أسيد)) ، وجهَّله الحسينى فى الإكمال (ص425 ، ترجمة 890) ، ونقله عنه الحافظ فى التعجيل (ص415)، ولم يتعقبه . وذهب مسلم فى الوحدان (ص 217 ، ترجمة 1062) إلى أنه لم يرو عنه إلا واصل ، وليس كذلك كما علمتَ فقد روى عنه أيضا القاسم بن مهران . وقد ذكره الخطيب فى تلخيص المتشابه للفرق بينه وبين موسى بن عبيدة الربذى ، فذكر له هذا الحديث ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا أيضا .
وأما القاسم بن مهران ، فقال الحسينى (ص 348 ، ترجمة 717): ليس بمشهور . وقال الحافظ فى التقريب (ص452 ، ترجمة 5501) : مستور . وتعقب الحافظ فى تهذيب التهذيب (8 / 305 ، ترجمة 616) على الذهبى بمثل ما تعقبه به الهيثمى . وانظر : الميزان (5 / 462 ، ترجمة 6853) ، واللسان (7 / 340 ، ترجمة 4432) ، والتعجيل (ص 341 ، ترجمة 875) .
وفائدة التعقب على الذهبى فى ترجمة القاسم بأن هشام بن حسان روى عنه أيضا ، وعلى مسلم فى ترجمة موسى بن عبيد بأن القاسم روى عنه أيضا ، محاولة دفع جهالة العين عنهما ، فإن جهالة العين ترتفع عن الراوى برواية اثنين مطلقا - عند الأكثرين - وبشرط أن يكونا عدلين - عند المحققين - كما هو مقرر فى علم المصطلح (انظر مثلا : الكفاية ص 88 وما بعدها ، وتدريب الراوى 1 / 316 وما بعدها، والرفع والتكميل ص 248 وما بعدها) ، وهشام ثقة حافظ (انظر : تهذيب الكمال 30 / 181 ، ترجمة 6572 ، وفروع التهذيب) ، بخلاف سليمان بن عمرو النخعى فإنه كذاب (انظر : الميزان 3 / 305 ، ترجمة 3498 ، واللسان 3 / 97 ، ترجمة 332) ، فلا تفيد القاسم رواية سليمان النخعى عنه .
وأما موسى بن عبيد فروى عنه اثنان : واصل مولى أبى عيينة وهو ثقة حجة كما قال الذهبى (انظر : تهذيب الكمال 30 / 408 ، ترجمة 6666 وفروعه) ، والقاسم بن مهران وهو مستور .
فيحصل من هذا البحث أن كلا من القاسم بن مهران ، وموسى بن عبيد لم يرو عنهما من الثقات إلا واحد ، فلا ترتفع جهالة عينهما عند المحققين ، فهما مجهولان عينا ، ولم يتبين لنا وجه اعتبار الحافظ للقاسم أنه مستور ، وهو من ارتفعت جهالة عينه ، وثبتت عدالته الظاهرة دون الباطنة ، وليس الأمر كذلك فى القاسم فى ضوء ما قررناه ، والله أعلم .وحديث المجهول يؤخذ به فى الاعتبارات والشواهد ، ويكون بها حسنا لغيره ، وقد وردت للحديث شواهد كثيرة .

ابحث

Google