إعلام ذوى الهمة العلية بما ذكرناه فى جامع الأحاديث من التراجم والفوائد والتعقبات العلمية

يعتبر جامع الأحاديث من أوسع كتب متون السنة الشريفة والذى صدر فى (13) مجلدا عن دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف الكويتية فى مشروع علمى تحت رعاية د . حسن عباس زكى وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية ، وقد كان للفقير عصام أنس الزفتاوى شرف رئاسة اللجنة التى قامت بتحقيقه ، كما قدمنا له بدراسة وافية شملت تراجم واسعة للسيوطى والمتقى الهندى والمناوى والنبهانى ، كما قدمت هذه الدراسة تحليلا جديدا لمؤلفاتهم من خلال رؤية منهجية جديدة لتحليل المصنفات ، بالإضافة إلى ذلك فقد تكلمت الدراسة عن منهج العمل ، وأهم الفوائد العلمية التى قدمها المشروع من مناقشات علمية وفوائد حديثية وتراجم لرواة تفردت الموسوعة بهم إلى غير ذلك ، وقد صدرت الموسوعة فى قرص مدمج بالإضافة إلى النسخة المطبوعة .
ومن الخدمات العلمية التى قدمناها : العديد من تراجم الرواة الذين لا ترجمة لهم فى الكتب المعروفة ، والعديد من الفوائد والتعقبات على الحفاظ ، مما نرجو أن نكون قد وفقنا فيه للصواب ، وهذه المدونة تعنى بجمع ما تناثر من ذلك فى ثنايا الكتاب ، وأوردناه هنا على ترتيب ورودها فى جامع الحديث مع ذكر نص الكلام بتمامه .

السبت، ٨ سبتمبر ٢٠٠٧

29) التعليق على نسخة عبد الغفور بن عبد العزيز بن سعيد عن أبيه عن جده مرفوعا ، وفيه مبحث فى طرق ثبوت الصحبة :

حديث (8105) إن رجب شهر عظيم تضاعف فيه الحسنات من صام يومًا منه كان كصيام سنة (الرافعى عن سعيد)
------------------------------------------------------
التخريج
أخرجه الرافعى (3 / 439) . وأخرجه أيضًا : الطبرانى (6 / 69 ، رقم 5538) . قال الهيثمى (3 / 188) : ((فيه عبد الغفور وهو متروك)) .
------------------------------------------------------
التعليقات العلمية
قال مقيده عفا الله عنه : عبد الغفور اضطرب فى نسبته ، والأصح أنه عبد الغفور بن عبد العزيز بن سعيد ، روى عن أبيه عن جده سعيد ، قال ابن عدى : (([له] بهذا الإسناد اثنان وعشرون حديثا ... وعبد الغفور هذا الضعف على حديثه ورواياته بَيِّنٌ ، وهو منكر الحديث)) . بل اتهمه ابن حبان بالوضع فقال : ((كان ممن يضع الحديث على الثقات على كعب وغيره لا يحل كتابة حديثه ولا الذكر عنه إلا على جهة التعجب)) .
انظر ترجمته فى : المجروحين لابن حبان (2 / 148 ، ترجمة 757) ، والكامل (5 / 329 ، ترجمة 1481) ، والضعفاء لابن الجوزى (2 / 112 ، ترجمة 1968) ، والعقيلى (3 / 113 ، ترجمة 1086) ، وتاريخ بغداد (11 / 130 ، ترجمة 5823) ، والميزان (4 / 381 ، ترجمة 5155) ، واللسان (4 / 43 ، ترجمة 128) .
وسعيد هذا جد عبد الغفور والراوى الأعلى للحديث ترجم الطبرانى لحديثه فقال : سعيد أبو عبدالعزيز غير منسوب ، وذكره غير واحد فى الصحابة تحت ترجمة سعيد الشامى ، أو سعيد الأنصارى ، أو سعيد والد عبد العزيز ، أو ترجمة أبى عبد العزيز . وبناء على ذلك ذكره الحافظ فى الإصابة فى موضعين فى القسم الأول من الصحابة ، ويشمل من وردت روايته أو ذكره من طريق صحيحة أو حسنة أو ضعيفة أو منقطعة (الإصابة 3 / 119 ، ترجمة 3298 سعيد والد عبد العزيز ، 7 / 265 ، ترجمة 10213 أبى عبد العزيز) . وقد ضعَّف الحافظ سندَ الحديث فى موضع (5 / 248 ، ترجمة 6722) ، وقال فى موضع آخر (5 / 250 ، ترجمة 6726) : رجاله ما بين ضعيف ومجهول .
قال مقيده عفا الله عنه : مع ما تقدم من تفرد عبد الغفور بهذه النسخة من الأحاديث ، ومع ما تقدم من اتهامه بالوضع ونكارة أحاديثه فقد صار فى ثبوت صحبة سعيد والد عبد العزيز نظر رغم ذكر الحافظ له تبعا لمن تقدمه .والراجح عندى عدم ثبوتها ، فلثبوت الصحبة طرق لم يصح أحدها لسعيد هذا ، فقد قال ابن الصلاح فى المقدمة (ص 171 ، ومع التقييد والإيضاح ص 299) : ((كون الواحد منهم صحابيا تارة يعرف بالتواتر ، وتارة بالاستفاضة القاصرة عن التواتر ، وتارة بأن يروى عن آحاد الصحابة أنه صحابى ، وتارة بقوله وإخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته بأنه صحابى)) . وقال السخاوى فى فتح المغيث (3 / 104-105 بتصرف يسير) : ((تعرف الصحبة إما باشتهار قاصر عن التواتر وهو الاستفاضة على من رأى كعكاشة بن محصن وضمام بن ثعلبة وغيرهما ، أو بتواتر بها كأبى بكر الصديق ... ، أو بقول صاحب آخر معلوم الصحبة إما بالتصريح بها كأن يجيء عنه أن فلانا له صحبة مثلا ، أو نحوه كقوله : كنت أنا وفلان عند النبى صلى الله عليه وسلم ، أو دخلنا على النبى صلى الله عليه وسلم ، بشرط أن يعرف إسلام المذكور فى تلك الحالة ، وكذا تعرف بقول آحاد ثقات التابعين على الراجح ... ولا يجوز عندنا الإخبار عن أحد بأنه صحابى إلا بعد وقوع العلم به إما بالاضطرار الناشئ عن التواتر ، أو بالاكتساب النظرى الناشئ عن الشهرة ونحوها . ويجوز أن يخبر بذلك إذا أخبر به أنه صحابى ، كما هو الصحيح ، فلو ادعى الصحبة بنفسه عدلٌ قُبل قوله سواء بالتصريح كأنا صحابى أو ما يقوم مقامه كسمعت ونحوها لأن وازع العدل يمنعه من الكذب ، ويحكم فى الظاهر بأنه صحابى يقوله : صحبت النبى صلى الله عليه وسلم ، إذا كان ثقة أمينا مقبول القول لموضع عدالته وقبول خبره)) . وكما هو واضح فليس طريق من طرق ثبوت الصحبة قد حصل لسعيد والد عبد العزيز هذا ، فلا تواتر ، ولا استفاضة ، ولا إخبار ثقة من التابعين بصحبته ، ولا ثبوت عدالته فى نفسه حتى نقبل دعوى الصحبة ، بل أحاديث منكرة ، وحفيد متهم ، فأنى له الصحبة ، والله تعالى أعلم .

ابحث

Google